في لحظة ما منذ عقد أو نيف إنقطعت عن حماس الأسباب المادية لمواجهة العدو الصهيوني من عدة و عتاد و دعم مادي، حيث بدأت الضغوط الامريكية منذ تولي بوش الابن الرئاسة و مشروعه لتجفيف منابع الأرهاب المزعوم الذي اسقط برجي التجارة العالميين اّن ذاك تؤتي ثمارها بداية بحصار غزة الى قطع علاقات الدول العربية معها سياسيا و اغلاق كافة مؤسسات جمع التبرعات التابعة لها. و كانت إيران الخبيثة من زمن بعيد تحاول ان تجد لها موضع قدم في معادلة المقاومة في فلسطين و ذلك ضمن إستراتيجيتها بعيدة المدى للهمينة على المنطقة من خلال كسب تعاطف الشعوب العربية و التمدد في الفكر الشيعي.
و كما ثبت من حقائق عايناها في سوريا و العراق فان بطش ايران و ميليشاتها الطائفية بالمسلمين تجاوزت في إجرامها و وحشيتها ما فعله اليهود الصهاينة بفلسطين بمراحل. و في ذلك الحين كانت سياسة حماس هي الإنفتاح المنضبط مع ايران و غيرها من خلال تمثيل دبلوماسي بسيط لها في العاصمة الايرانية و مجاملات في التصريحات المتبادلة. سارعت ايران الى مد يدها الخبيثة بالحاح على حماس طارحة الدعم بكافة اشكاله و هنا وقعت حماس في الاختبار الصعب و الفتنة الكبرى و الزلزلة الاشد بين حصولهم على الاسباب المادية و بين ثباتهم على العقيدة و الصبر و التحمل حتى ياتي فرج الله الموعود.
و قد تجاوزت قيادات حماس خطوط السنن الربانية و لم يقفوا عند قوله تعالى "و ما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم" و قوله سبحانه " واعدوا لهم ما استطعتم" و تناسوا الوعيد الشديد في قوله "{وَلا تَركَنُوا إِلى الَّذِينَ ظَلَموا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِن أَولِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُون}. ولم يتفقهوا في القاعدة الشرعية التي تقول "ان دفع المفاسد يقدم على جلب المنافع" و أن الغاية لا تبرر الوسيلة.
و هم إذ لم يقفوا عند هذه السنن و الاوامر الربانية فيثبتوا و ينتظروا الفرج و الوعد الرباني بالنصر بأسبابه و مدده من عنده سبحانه دون شهوة للغلبة و تعجل للظهور على العدو قد اختاروا المداهنة بين ذلك و ذاك بدعاوى واهية ان الضرورات تبيح المحظورات و ان دول المسلمين قد تخلت عنهم. و لم يدركوا ان النصر من عند الله وحده الذي لن يتخلى عن من وقف مع الحق. و هم ليسوا بحاجة الا ان يتوكلوا على الله مسبب الاسباب و من بيده النصر و الامر و التمكين. و ان هذه الزلزلة و التمحيص لا بد منها في سنن الله:
"أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ”
و لم يدركوا ان هذا المسير في الاتجاه الخاطئ سيكون ثمنه باهظ و عواقبه وخيمة لو بعد حين. فالتشيع فتح له الباب في غزة و اصبح له تمويل و دعاة و مليشيات . و الذي يغفل عنه حماس و غيرها انهم كسبوا معركة و خسروا معارك الوحدة و العقيدة و اليقين و هذا من البلاء و الفتن التي تصيب أهل الحق.
فلا يغرنك التطبيل و التزمير للانتصارت فالانتصار الحقيقي هو لأهل فلسطين الذي صبروا و ثبتوا دفاعا عن مقدساتهم اما الفصائل و حماس فليسوا الا سببا سخره الله لأهل فلسطين في هذا الوقت و ليسوا هم المنصرون و لا إيران فالله من حكمته ان يسخر من يريد لما يريد متى يريد!!